أهمية الأحزاب السياسية في بناء الوطن: دعامة الديمقراطية وتحصين الاستقرار

في مراحل التحول الوطني، تلعب الأحزاب السياسية دوراً محورياً في ترسيخ قيم المواطنة، وتفعيل المشاركة الشعبية، وتعزيز البناء المؤسساتي للدولة. لا يمكن لوطن أن يتقدّم دون أطر سياسية تُمثّل تطلعات المواطنين، وتُترجمها إلى سياسات واقعية، ولا سبيل لذلك إلا بوجود حياة حزبية ناضجة وفاعلة.

ما هي الأحزاب السياسية ولماذا تُعتبر ضرورة وطنية؟

الأحزاب السياسية ليست فقط تكتلات انتخابية أو منصات لخطابات سياسية؛ بل هي أدوات تعبئة وتنظيم وتوجيه، تحوّل مطالب المجتمع إلى برامج، وتسعى لبلورتها ضمن مؤسسات الدولة. في الدول الديمقراطية، تُعتبر الأحزاب بمثابة الجسر بين الشعب والسلطة، وهي التي تمنح العملية السياسية شرعيتها واستقرارها.

أدوار الأحزاب السياسية في بناء الوطن:

  • تحقيق التمثيل الشعبي:
    من خلال ترشيح أفراد يمثلون تطلعات فئات المجتمع المختلفة، تضمن الأحزاب وصول الصوت الشعبي إلى مواقع القرار.

  • مراقبة أداء السلطة التنفيذية:
    تلعب الأحزاب، خاصة المعارضة منها، دوراً رقابياً يُسهم في تعزيز الشفافية، ومنع الفساد، وحماية المال العام.

  • تعزيز الثقافة السياسية:
    تفتح الأحزاب حوارات داخل المجتمع حول الحقوق، الدستور، النظام السياسي، قضايا التنمية، وغيرها، ما يؤدي إلى رفع وعي المواطنين.

  • تعزيز الوحدة الوطنية:
    من خلال استيعاب الاختلافات الدينية والعرقية والفكرية داخل أطر سلمية، تسهم الأحزاب في تحصين النسيج الوطني من التفتت والتطرف.

  • المشاركة في وضع السياسات العامة:
    تُعد الأحزاب مصدراً رئيسياً لإنتاج الكفاءات والخبرات التي تقود الوزارات، البرلمانات، والإدارات العامة.

التحديات أمام العمل الحزبي:

في بلدان مثل سوريا، حيث كانت الحياة السياسية محتكرة لعقود، فإن إعادة إحياء العمل الحزبي يواجه عدداً من التحديات: ضعف الثقة الشعبية، غياب القوانين الناظمة، وانعدام الثقافة الديمقراطية. لكن هذه التحديات يجب أن تكون دافعاً لبناء أحزاب جديدة تنطلق من قيم الشفافية، المشاركة، والاستقلال الوطني.

متى تكون الأحزاب عاملاً سلبياً؟

عندما تتحوّل الأحزاب إلى أدوات للنفوذ الشخصي أو العائلي، أو عندما تعمل وفق منطق الإقصاء لا الشراكة، فإنها تفقد وظيفتها الديمقراطية. لهذا فإن وجود نظام قانوني ناظم يحدد معايير تشكيل الأحزاب ومصادر تمويلها وآليات مساءلتها أمرٌ لا غنى عنه.

خلاصة:

الأحزاب السياسية ليست ترفاً ديمقراطياً، بل هي من ضروريات البناء الوطني الحقيقي. إن تأسيس حياة حزبية قائمة على قواعد الشفافية والتعددية هو الطريق الأقصر لتجاوز الاستبداد، وبناء دولة القانون، وتحقيق التنمية المستدامة.