ذكرى “ردع العدوان”: محطة فاصلة في الذاكرة الثورية السورية

يصادف ال27 من تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 ذكرى انطلاق عملية “ردع العدوان” ، وهي العملية التي تعد واحدة من أبرز المحطات العسكرية في مسار الثورة، بالنظر إلى التطورات المتسارعة التي رافقتها وما اعتُبر حينها تحولاً حاسماً في خريطة السيطرة داخل سوريا.
عملية عسكرية ونقطة تحول حاسمة
جاءت العملية التي انطلقت في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 من محاور ريفي إدلب وحلب، بعد سنوات من الجمود النسبي على جبهات الشمال، لتكون أول اختراق واسع لخطوط التماس منذ اتفاق وقف إطلاق النار التركي–الروسي عام 2020.
وتوسّعت الهجمات باتجاه ريف حماة، ثم إلى محافظات أخرى وصولاً إلى محيط دمشق، في ما اعتُبر حينها تحركاً غير مسبوق من حيث السرعة واتساع رقعة العمليات.
تفكك خطوط الدفاع وتقدم متسارع
أن الضربات الأولى تركّزت على مواقع وثكنات للجيش السوري، بهدف “ردع الاعتداءات على مناطق خفض التصعيد” واستعادة مناطق خسرتها الفصائل في الأعوام السابقة. لقد كان انهيار خطوط الدفاع في ريفي إدلب وحلب “سريعاً ومفاجئاً”، حيث أفضى إلى سيطرة قوات المعارضة على مواقع عسكرية ومطارات ومستودعات سلاح.
وشهد مطلع كانون الأول/ديسمبر تقدماً أكبر، إذ أعلنت غرفة العمليات تحرير عدة مدن خلال وقت قياسي، بينها درعا والقنيطرة والسويداء وحمص، إضافة إلى السيطرة على سجن حمص المركزي وإخراج آلاف السجناء.
وصول المعارك إلى دمشق
اتجهت المعارك نحو العاصمة خلال الأيام الأخيرة من العملية، لتصل إلى مؤسسات أمنية وعسكرية، وتعلن الغرفة لاحقاً سيطرتها على مبانٍ حساسة، من بينها الإذاعة والتلفزيون، بالتزامن مع خروج أصوات التكبير من مساجد دمشق.
و جرى الحديث حينها عن انسحاب ضباط من وزارة الدفاع وقيادة الأركان، قبل أن يُعلن إسقاط النظام فجراً خلال الأسبوع الثاني من العملية.
أبعاد سياسية ورمزية للذكرى
بالنسبة لقطاعات واسعة من السوريين المنتمين إلى أطياف المعارضة، تمثل ذكرى “ردع العدوان” محطة رمزية تحمل عدة دلالات:
كسر معادلة عسكرية بدت ثابتة لسنوات
بعد أعوام من الجمود، اعتبرت المعارضة أن العملية جسّدت إمكانية تغيير موازين القوى، مهما بدا ذلك مستبعدًا.
تحول نفسي ومعنوي في المزاج الشعبي
حملت الرواية الثورية عن العملية بُعدًا معنويًا كبيرًا، عزّز الشعور بقدرة السوريين على استعادة زمام المبادرة.
نقاشات حول مستقبل سوريا السياسي
حتى بين من يشككون في تفاصيل العملية، تبقى الذكرى مناسبة لإعادة طرح سؤال شكل الحكم المقبل، وإعادة بناء المؤسسات، ومسار العدالة الإنتقالية.
بين الذاكرة والواقع السياسي
سواء اتفق السوريون أو اختلفوا حول تفاصيل عملية “ردع العدوان”، فإن حضورها في النقاش العام يعكس تعقيد المشهد السوري، وعمق الإنقسام في سرديات الحرب، واحتفاظ كل طرف بقراءته الخاصة لما جرى ويجري.
ومع حلول الذكرى الأولى العملية ، تحضر الأسئلة الكبرى من جديد:
ما مستقبل سوريا؟ كيف يمكن تجاوز إرث الصراع؟ وهل يمكن للمشهد السياسي والعسكري أن يتجه نحو استقرار حقيقي يعكس تطلعات الشعب بعد سنوات طويلة من الثورة والحرب؟

شارك بنشر الوعي

كاتب المقال

المقالات ذات الصلة

A large crowd gathers in protest, waving Syrian flags with red stars and expressing unity.

مقالات رأي

6 ديسمبر 2025

المنتخب السوري… مشاركة ترفع الرأس وتعيد البسمة لشفاه السوريين

الإصرار والإنتماء قادران على تحويل التحديات إلى إنجازات.

جهينة مقداد

A young Syrian girl shows a peace sign during a protest in Idlib, Syria, symbolizing hope and unity.

مقالات رأي

4 ديسمبر 2025

سوري.. أسطورة الحرية عبر العصور

فهد شحط

rose of syria, beautiful flowers, flower, nature, mauve, flower background, flower wallpaper, garden

مقالات رأي

4 ديسمبر 2025

أهمية ودلالات اللقاء بين الرئيس أحمد الشرع وشركتي SPC وشيفرون

يمثل هذا اللقاء خطوة جريئة باتجاه تغيير قواعد اللعبة في قطاع الطاقة السوري

جهينة مقداد

Close-up of a person chopping wood outdoors with an axe in Syria, capturing dynamic motion.

مقالات رأي

30 نوفمبر 2025

عامٌ على التحرير: ذكرى انتصار الثورة السورية ومسؤولية البناء بعد النصر

الخلاصة بعد عام على التحرير، يتأكد السوريون أن الثورة لم تكن نهاية مرحلة فقط، بل بداية طريق جديد يحتاج إلى

ادهم الحسن

مقالات رأي

29 نوفمبر 2025

تركيا تجدد دعمها لسوريا

وفي ظل التغيرات المتسارعة، تبدو كل خطوة باتجاه الإستقرار خطوة ضرورية، ليس لسوريا وحدها، بل للمنطقة بأكملها

جهينة مقداد

A large crowd gathers in protest, waving Syrian flags with red stars and expressing unity.

مقالات رأي

29 نوفمبر 2025

عودة سوريا إلى الفضاء العربي عبر التعاون العسكري

دمشق تؤشر إلى أنها باتت تستعيد موقعها في الفضاء العربي من بوابة التعاون الدفاعي وتبادل الخبرات

جهينة مقداد

Scroll to Top