خطوة تعزّز فرص الإستقرار ليس لسوريا وحدها، بل للمنطقة بأكملها
يأتي موقف إعلان مجلس الأمن القومي التركي، في اجتماعه الأخير برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان، أن أنقرة ستواصل دعمها لتحقيق السلام والإستقرار والرخاء لجميع شرائح الشعب السوري، في وقت يشهد فيه الملف السوري تحولات إيجابية بعد سنوات من التحديات، ما يجعل هذا الدعم ذا أهمية خاصة على الصعيدين السوري والإقليمي.
دعم مستمر… ورسالة سياسية واضحة
أن تركيا ماضية في جهودها الهادفة إلى إقامة منطقة خالية من الإرهاب على حدودها الجنوبية، معتبرة أن الأمن في سوريا جزء لا يتجزأ من أمن تركيا والمنطقة ككل. فبيان مجلس الأمن القومي التركي يوضح: أن “لا مكان للإرهاب والعنف في مستقبل المنطقة”، في إشارة إلى حرص أنقرة على تأمين الحدود ومنع امتداد التهديدات إلى داخل أراضيها.
لكن الأهم في موقف المجلس هو ترحيبه بالتقدم الذي أحرزته سوريا مؤخراً، سواء على مستوى استعادة مكانتها الدولية أو تجاوز الأزمات التي واجهتها خلال السنوات الماضية. وهذا الترحيب يعكس توجهًا تركيًا لدعم أي خطوات تساهم في تثبيت الإستقرار السياسي والأمني داخل سوريا.
لماذا يهم هذا الدعم الآن؟
تكتسب التصريحات التركية زخماً إضافياً في هذا الوقت لعدة أسباب:
مرحلة جديدة من الإنفتاح السوري
تشهد دمشق تحسناً في علاقاتها الإقليمية والدولية، وهو ما تراه تركيا فرصة لفتح صفحة جديدة في المنطقة، تقوم على التعاون بدل الصراع. دعم أنقرة لهذا التقدم يساهم في تعزيز الإستقرار وتقليل التوترات عبر الحدود.
تعزيز الجهود ضد الإرهاب
تعتبر تركيا أن مكافحة التنظيمات الإرهابية في شمال سوريا ضرورة لحماية أمنها القومي، وهي ترى أن العمل المشترك مع الأطراف السورية والدولية يمكن أن يحقق نتائج أفضل. استمرار هذا التعاون يعني مزيدًا من الأمان للسوريين المقيمين قرب المناطق الحدودية.
تهيئة بيئة أفضل لعودة السوريين
ترى تركيا أن استعادة الأمن داخل سوريا شرط أساسي لعودة اللاجئين الطوعية. وكلما زاد الإستقرار وهدأت التوترات، أصبحت عودة السوريين أكثر واقعية، وهو ما ينسجم مع رغبة أنقرة في إيجاد حلول إنسانية ومجتمعية لهذه القضية.
إنعكاسات إقليمية أوسع
لم يقتصر اجتماع مجلس الأمن القومي التركي على الملف السوري، بل تناول أيضاً التطورات في فلسطين والسودان. فدعا المجلس الإحتلال الإسرائيلي إلى وقف هجماته على قطاع غزة، وشدد على ضرورة احترام اتفاق وقف إطلاق النار. كما عبر عن دعم تركيا لسيادة السودان ووحدة أراضيه، داعياً إلى وقف المجازر بحق المدنيين هناك.
هذه المواقف تبرز رؤية تركية أوسع تعتبر أن استقرار الشرق الأوسط مترابط، وأن دعم سوريا جزء من سياسة شاملة تهدف إلى تحقيق الأمن في المنطقة.
خلاصة القول:
يمثل الموقف التركي الأخير إشارة مهمة إلى أن المنطقة تتجه تدريجياً نحو مرحلة من إعادة ترتيب العلاقات وتخفيف التوترات، وسوريا في قلب هذه المرحلة. استمرار هذا الدعم قد يسهم في تعزيز الحلول السياسية، وتوفير بيئة أكثر أماناً للسوريين، وفتح المجال أمام إعادة الإعمار وعودة الحياة الطبيعية.
وفي ظل التغيرات المتسارعة، تبدو كل خطوة باتجاه الإستقرار خطوة ضرورية، ليس لسوريا وحدها، بل للمنطقة بأكملها.




